فقد يكون ما تراه تافها عظيما عند البعض وانت لا تدرى
كفراق الاحبه ( والصدمه التى يخلفها الفراق ) مثلا او موت صديق ( والفراغ الذى يتركه للصديق الوحيد ) او كلمة جرحت مشاعر شخص فبالغ فى رد فعله _ من وجهة نظرك انه مبالغ وان قدر الجرح لا يستوجب رد فعله _ او كلمة من أب فى لحظة غضب لأبنه الشاب ( إطلع من البيت مش عاوز اشوف وشك تانى ) وان كان الوالد لم يقصد جملته باللفظ لانه بالفعل يحبه واكثر من فى الدنيا فى صدق مشاعره ونقائها تجاهه ( لكن الجمله اثرت على الشاب وظل ايام وليالى لا يتحدث مع والده بسببها , وسببت له كسرة نفس وضيق من حياته )
او كلمة من شاب مستهتر لبنت فى الشارع اعترض طريقها ولمسها فسبب ذلك عقده نفسيه للبنت لفتره كبيره وكرهت كونها خلقت بنت وظنت انه لو كان الله خلقها ولد كانت حياتها ستكون افضل وخصوصياتها ستكون غير منتهكة من هذا او ذاك , قد يكون الكبت والسجن الذى تسكن فيه تلك الفتاه العشرينية ( فى بيتها , روتين يومي , وخوف من الوالد يترجمه فى كبح خيال ابنته وتحطيم احلامها وطموحاتها, فذلك فى وجهة نظره اهون من كثير قد تتعرض له لو احتكت بالشارع )(1) فيكون ذلك سبب فى كرهها للناس ورفض الثقه فى كل من حولها , لا تسفهن شخص قد تراه مخبول التصرفات والمنظر فى الشارع .
, لم تخوض تلك الظروف التى خاضها ذلك التافه _ من وجهة نظرك _ لم تشعر بما تشعر به تلك الفتاه شديدة الحساسية , لم تحزن كما حزن ذلك الابن , لم تبكى , لم تقهر مثل تلك البنت التى تعانى من الكبت , لا تستحقرن ذلك المخبول فقد يكون غيره الزمن وفعل مع عقله الافاعيل وأصبح خفيفا مما رآه , لا تسفهن من تافه فقد تكون مثله وفى نفس موقفه بعد سنه او بعد شهر مثلا او يوم وقد يستجد فى الأمور أمور وتصبح أسوء منه تفاهةً بعد دقيقة من قرائتك ذلك المقال مباشرة لأى سبب , قلوبنا بين يدى الرحمن يقلبهما كيف يشاء , لا ندرى ماذا يجد بعد لحظات .
كثيرا أرى الناس فى الشارع يسخرون من بعضهم ويجعلون خصوصيات البعض أرض خصبه للترفيه والتسليه , وكأن كل منهم معه تأشيره مخول له بمقتضاها مراقبة البشر والتحقير من احلامهم وطوحاتهم واسلوب حديثهم البسيط وملابسهم الغير متمدينه ( رجال ونساء صعيد مصر(2) , والفلاحين والعمال والبسطاء من اصحاب الاعمال البسيطه ) ولم تسلم اللغه ولهجة الحديث من السخريه فنرى شباب يسخرون من الاجانب والسياح فى الشوارع فقط للغتهم المختلفه عن لغتنا العربيه او لهجتهم العربية ( المكسرة ) والسخرية من لون البشره(3)( اهلنا من اسوان والاجانب من إفريقيا المقيمون فى القاهرة ) وقد تكون السخرية من موقع سكنهم او حتى حسبهم ونسبهم وقد تصل السخريه الى الديانه والاعتقاد والافكار والعادات والتقاليد وتصل احيانا لأماكن اكثر خصوصيه ويكون الشخص المستهزء من انشغاله بتعلق المشانق على ما يتميز به الاخرون عنه , قد نسى نفسه فلا وقت لديه للتركيز مع عيوبه وذنوبه واسلوبه وما آلت اليه اخلاقه ومعاملاته مع البشر من دنو وحقارة .
إستقيموا يرحمكم الله .